كتابات | آراء

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «86»

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «86»

القبائل والأحداث في العالم الحديث.. ذكر الكاتب فرانسيس بيكون الأديب الانجليزي في كتابه عن الفتن والاضطرابات أن السخط في المنظومة السياسية مثل التقلبات في الطبيعة

والتي من الممكن أن تتجمع فيها حرارة خارقة للطبيعة تشتعل وتمتلك قوة تدميرية كبيرة ولا يمكن لأي سياسي أن يقيس خطورة السخط ولا أن يتوقع نتائجه سواء كانت الأسباب التي تثير هذا السخط كبيرة أو صغيرة في الأساس فإن التسلسل الهرمي هو احتواء للعكس ففي السنوات التي أعقبت عام 1980م كانت القبائل في كثير من الأحيان أقل خضوعًا للسيطرة الحكومية المباشرة كما كانت في منتصف القرن التاسع عشر فقد كان الكثير مما حدث في الأمد القريب مرتبطًا بتنافس شديد بين جيران شمال اليمن، اليمن الجنوبي والمملكة العربية السعودية ولا ينبغي لنا أن نهتم بكل هذا ولكن تجاهل السياق السياسي الأوسع من شأنه أن يقلل من أهمية المشاكل الحقيقية التي كان على الشمال أن يواجهها والتي واجهها بنجاح في مجملها إن الأحداث التي جرت بين القبائل مثل تلك التي تحدثنا عنها في الفصول الافتتاحية من هذا الكتاب لا تحمل أي معنى سوى تاريخ مضى ولكن في خضم كل هذا كان رجال القبائل يمرون بما يمكن للمرء أن يتصور أنه انتقال والأمر الأكثر أهمية والأكثر دقة هو أن فكرة الانتقال أصبحت ذات أهمية بالنسبة لليمنيين لاسيما رجال القبائل كما أصبحت ذات أهمية بالنسبة لشعوب الدول النامية في كل مكان فهم يعيشون وفقاً لتقديرهم الخاص في عصر جديد، إن عزل آخر الأئمة في السادس والعشرين من سبتمبر/أيلول 1962م يُنظَر إليه باعتباره قطيعة مع الماضي والمستقبل منظم وفقاً لمفاهيم مثل التنمية والتقدم وهنا كما هو الحال في الجوانب القابلة للقياس من الاقتصاد النقدي نجد الفارق بين زمن الإمام وزمننا كيف أن تاريخ شمال اليمن كان عبارة عن سلسلة من المراحل القصيرة كما كتب البردوني عام (1983م) على سبيل المثال عن الجمهورية الأولى و الجمهورية الثانية و الجمهورية الثالثة ثم ظهرت حكومة الإرياني التي استمرت من عام 1969م إلى عام 1974م في نظرة إلى الوراء على أنها انتقالية: ائتلاف جمهوري قوي احتفظ مع ذلك بقدر كبير من الأسلوب الإداري للنظام القديم تم استبداله بحكومة بأسلوب مختلف وهو أسلوب تم تطويره منذ ذلك الحين ولم يُنسى أو يُلغى عندما تولى الحمدي السلطة كان أول ما ظهر للعديد من المراقبين الأجانب هو أن المشائخ التقليديون كانوا يُطردون من قبل ضباط الجيش التقدميين ولكن لا يوجد سبب في الواقع يجعل المشائخ أكثر تقليدية من غيرهم من الناس أو الضباط الأكثر تقدمية في اليمن غالبًا ما تكون المجموعتان من الناس من نفس العائلات وكان تكوين مجلس القيادة الذي أنشأته حركة التصحيح في 13 يونيو (1974م) مكونًا قبليًا كبيرًا وكان هنالك عضوًا بارزًا جدًا في المجلس وفي نفس الوقت هو شيخ بارز في خارف؛ وقد تم تضمين عضوين من بيت أبو لحوم وهما ضابطان في الجيش النظامي ولكنهما مع ذلك من عائلة مشيخة نهم؛ وكذلك كان الغشمي ضابط الجيش الذي كان شقيقه شيخ همدان صنعاء وفي أسفل قائمة الحكومة كان شيخ من ذي محمد وزير دولة تمامًا كما كان في عهد الإرياني كان إبراهيم الحمدي نفسه رئيس مجلس القيادة وبالتالي رئيس الجمهورية ضابطًا بالجيش من عائلة قاضية من عيال سريح بعد خمسة أيام من التحرك التصحيحي انعقد اجتماع كبير للقبائل في المقام الأول في المعمر في همدان صنعاء للموافقة على رجال العصر الجديد في 13 يونيو ودعمهم ومن الغريب أن هذا الاجتماع أدى إلى نشر كتيب مطبوع بعنوان مؤتمر قبائل اليمن على طريق التقدم جاء الرجال الذين حضروا من منطقة أوسع بكثير مما يُعتبر عادةً قبلية حتى من تهامة واليمن السفلي تبع كلمة الافتتاح من رئيس المؤتمر ثم كلمات من بعض القبائل اليمنية يتناول الكتيب بشكل عميق التحولات الاجتماعية والسياسية في اليمن، مستعرضًا التاريخ القاسي لشعبه في ظل الظلم والاقتتال الداخلي، ويحاول تسليط الضوء على أهمية التحولات التي يمكن أن تحدث الآن في إطار بناء مجتمع يسوده العدل والتعاون القبلي. يمكن ملاحظة أن هذه الرؤية تسعى بشكل واضح إلى تخطي الماضي المتخم بالصراعات الطائفية والقبلية، والتركيز على الوحدة والسلام في إطار الهوية الإسلامية. ما يلفت الانتباه هنا هو محاولة الموازنة بين الإرث التاريخي من الصراعات الداخلية وبين الأمل في مستقبل يعمه الرخاء والعدالة مما يعكس وجود تحديات كبيرة في تسوية الاختلافات القبلية التي قد تكون متأصلة في المجتمع اليمني.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا