كتابات | آراء

بريطانيا وأمريكا تاريخ أسود من الإجرام المُفرِط بحق الأمة والإنسانية ! (34)

بريطانيا وأمريكا تاريخ أسود من الإجرام المُفرِط بحق الأمة والإنسانية ! (34)

وهناك من ينظر إلى الأحداث التي غيرت مجرى تاريخ العالم والمنطقة بمنظور تاريخي بحت، وتأتي نظرته الفاحصة والثاقبة للأحداث مُنسجمة مع الواقع وغير مُجافية للحقيقة والصواب في أهم الجوانب وأكثرها خطورة

وصاحب هذا المنظور التاريخي والتحليلي للأحداث يذهب بما رآه جليًا إلى التأكيد على أن الرأسمالية والإستعمار الغربي، وجهان لعملة واحدة، وأن كل منهما يُعبر عن الآخر ويُمثله ويقوم بنفس الدور الذي يقوم به أو يُكمله على مسرح الأحداث والتاريخ منذ عقود وقرون طويلة .
وفي دراسة بحثية للباحث والمفكر الدكتور رياض الصفواني، ذات صلة بما سبق الإشارة إليه، لم يغفل خطورة ذلك التزاوج والتجانس بين الإستعمار الغربي والرأسمالية وتلاقيهما في أشياء كثيرة جمعت بينهما وآلفت بينهما في أكثر من منحى وهدف وغاية وتأتي دراسة الصفواني المذكورة هذه حول الموضوع كمساهمة سردية من باحث متخصص بهذا الشأن، اعتمد فيها اسلوب الرصد الدقيق والتتبع بعناية واهتمام بالغين لأحداث معينة من تاريخ هذا العالم والتوقف عندها مليًا لتحليلها كظاهرة لا يمكن أن تُغفل .
بيد أن الصفواني لم يجانب الصواب في ربطه الزمني والموضوعي بين الرأسمالية والإستعمار كوجهان لعملة واحدة، واعتبار كلا منهما مُكمل للآخر ويؤدي الدور المطلوب منه حيث كان وفي الزمن المحدد سلفًا .
وأوضح الصفواني في دراسته التي نُشرت مُؤخراً أن الرأسمالية والإستعمار الغربي، كل منهما مُفضي إلى الآخر، وأنهما نشأ في حقبة زمنية واحدة، هي القرن الخامس عشر الميلادي، بعد صعود البرجوازية كطبقة اجتماعية اقتصادية سياسية، على أنقاض النظام الإقطاعي الإجتماعي والإقتصادي والسياسي، الذي ساد الغرب الأوروبي خلال العصور الوسطى وقال الصفواني،: "إن الرأسمالية كأيديولوجيا ونظام إقتصادي سياسي اجتماعي، تقوم على قاعدة الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، كالأرض والمصانع والمعامل والورش، والحركة الإستعمارية الغربية، هي نتاج تراكم الرأسمال الأوروبي الآتي مما وراء البحار والمحيطات، إبان اكتشاف الأمريكتين من قبل المستعمرين الأسبان في العام 1493م، وتقاسمها لاحقًا بين كل من التاج الأسباني والفرنسي والإنجليزي، وما نتج عن ذلك الإكتشاف من تدفق للذهب إلى شبه الجزيرة الأيبرية التي تشمل أسبانيا والبرتغال وفي العام 1497م أعلنت البرتغال ضمن ماعرف حينها اصطلاحًا بإسم الكشوف الجغرافية عن اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح، الذي أتاح لاحقاً للمستعمرين الغربيين الدوران حول أفريقيا للوصول إلى الهند التي مثلت فيما بعد درة التاج البريطاني، وما نجم عن ذلك من تدفق غير محدود للتوابل التي ضاهت أهميتها آنذاك أهمية الذهب الذي جمعت منه دول أوروبا الإستعمارية ثروات هائلة وفائض كبير جعلها تزداد غنى وعنجهية وسطوة على حساب شعوب ودول مقهورة أحتلت أراضيها ردحاً من الزمن ونهبت ثرواتها بلا حساب وبحسب ما تضمنته دراسة الدكتور الصفواني بهذا الخصوص، فمع مرور الوقت، حدث فائض للرأسمال الغربي وخاصة بعد الثورة الصناعية التي دشنتها بريطانيا مطلع القرن التاسع عشر الميلادي، وأدى ذلك إلى التفكير إلى ايجاد أسواق خارج أوروبا لتصريف السلع التجارية والحصول على المواد الخام، فأتسعت رقعة الحركة الإستعمارية الغربية آنذاك كمًا وكيفا، واحتلت الدول الإستعمارية الغربية في تلك الفترة عدداً من بلدان العالم الثالث بإسم "شركة الهند الشرقية: البريطانية والفرنسية والهولندية" منذ مطلع القرن السابع عشر، وتقاسمت النظم الرأسمالية العالم كمناطق نفوذ في أعقاب الحربين العالميتين (1918- 1945م) ومن ضمنها دول العالم العربي والإسلامي التي كانت على رأس الإستهداف الاستعماري الغربي الممنهج، وفي مقدمة الساقطين تحت الإحتلال والاستعباد والنهب للثروات لسنوات وعقود طويلة، ولا تزال معظم تلك الدول منقادة لدول الإستعمار الغربي رغم الإستقلال الصوري الذي حصلت عليه من مستعمريها ! .
..... يتبع ....

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا