نصرة المستضعفين.. بوابة النصر والتحولات العظمى..!!
في السنة الثامنة للهجرة حَرَّضَتْ قريشٌ قبيلةَ بني بكر على قبيلة خزاعة، ودعمتها بالسلاح والرجال، في خيانةٍ لبنود العهد الذي بينها وبين المسلمين، هنا رفع المستضعفون نداء استغاثة برسول الله- صلوات الله عليه وآله-
فلبىٰ رسول الله وقال لمندوب خزاعة: «نُصرت يا عمر بن سالم» وتبدأ أضخم عملية دعم وإسناد يقودها الرسول الأعظم بلغ قوامها عشرة آلاف مقاتل؛ تأديباً لصلف المجتمع القريشي في نقض العهد ،وسفك دماء الأبرياء في خزاعة، وبما أن قريش أدركت- مؤخراً- بشاعة جرمها، ومغبة التفافها عن العهد والميثاق النبوي؛ إلا أن مرواغتها تلك لم تجدها نفعاً؛ كون المظلومية اقتضت نصرة المستضعفين، وشاء الله أن يتم نوره ويؤيد رسوله والمؤمنين.. فتحقق أكبر حدث تاريخي، ونقلة نوعية للأمة الإسلامية تمثل بـ(فتح مكة) وفعلاً فتحت مكة أبوابها للرسول الأعظم دون قتال ،ويدخل الناس في دين الله أفواجاً، وتحقق نصر الله لأوليائه الذين خرجوا صائمين مجاهدين، مناصرين، ملبين لنداء المستضعفين، وإعلاءً لراية الحق والجهاد في وجه الطواغيت والظالمين ،وقد أمتن الله بهذه النعمة على رسوله في كتابه الكريم :﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا • لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا •﴾الآية من 1- 2 سورة الفتح.. وقال تعالى {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ• إلى آخر سورة النصر.. لتتحقق بعد تحولات كبرى تلاشت أمامهما كل أشكال الظلم والكفر ونعرات اللون والطبقية والعصبية، ويتهاوى 360 صنماً في مكة ويعلو صوت الله أكبر من أعالي الكعبة.. وفي مسيرة موسى عليه السلام وجهاده في وجه أكبر طاغية في الأرض فرعون، كان أول شرط وأول طلب رفعه موسى وهارون- بعد الدعوة إلى الإسلام، هو رفع الظلم عن المستضعفين والدفاع عن كرامتهم وإطلاق حريتهم، وهو ما نجده في سياق الآية الكريمة ﴿وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ...﴾ طه- 47، وجميع الشواهد ماضياً وحاضراً تؤكد غلبة وتمكين من ينصر المظلوم، ويدافع عن الضعيف، ويحض على طعام المسكين، فما بالك وقد اُنتهكت أعراضٌ، وسُفكت دماءٌ، ودُنست مقدساتُ الأمة في وضح النهار.. وما أشبه الليلة بالبارحة.. أكثر من إثنين مليون مظلوم ومستضعف في قطاع غزة يهتفون بملء الكون.. بملء مسامع الدنيا وأمام مرأى ومسمع من العالم نداء الاستغاثة.. نداء الإنسانية والأخوّة.. نداء المظلومية.. نداءٌ ذبذباته تناهيد الثكالى وأشلاء الأطفال، ودماء الشهداء، ونزيف الجرحى، وتضور الجوعىٰ.. ثم يمعن العالم في الصمت والتخاذل الموغل في الوقاحة، والأدهى من ذلك أن الشعوب المحسوبة على الإسلام تضع أصابعها في آذانها، وتسخر إمكانياتها عسكرياً لصالح عدوها، وتُعَبّد أجواءها بحرير الخيانة، لصواريخ وطائرات العدو الصهيوني حتى تقتل أبناء جلدتها في غزة وفلسطين ولبنان؛ وهي بهكذا موقف تسجل أبشع تنصلٍ عن المسؤولية وأبشع انسلاخ عن قيم العروبة والأخوّة والهوية، وليس هذا فحسب بل صارت تواجه وتعادي كل من يدافع عن غزة، ومظلومية الشعب الفلسطيني ومقدساته.. فتباً لها من شعوبٍ، وسحقاً لها من أمة..
فكيف تحيا بلا قلبٍ عروبتنا
ومجدها في زوايا صمتها سقطا ؟!
فلتشهر السيف إن شاءت معززةً
ما دام واقعها بالقدس مرتبطا
سيبصق الغاصب المحتل خيبته
وكان كلّ عدوٍّ أمره فُرُطا
وبالتالي فوعود الله قائمة ومستمرة إلى قيام الساعة بالنصر والفتح المبين، لمن يناصر المستضعفين، ويلبي نداء المظلومين، ويؤدب طواغيت الضلال وأعداء راية الإسلام، وقد رأينا كيف استطاع الشعب اليمني المُحَاصَر أن يُحَاصِر سفن العدو، ويضرب أكبر تحالف بحري عبري أمريكي غربي ويدمر أحدث البوارج الأمريكية وعشرات عشرات السفن الإسرائيلية، أما حاملات الطائرات وما أدراك ما حاملات الطائرات، فقد مُنيت بضربات حيدرية ألحقت بها ما لا يُحمد عقباه، وأجبرتها على التراجع، وتلفظ المياه اليمنية جيفة وقذارة "إبراهام" و"آيزنهاور"، ناهيك عن قصف القوات المسلحة لأهداف حيوية في عمق الكيان الصهيوني، وستستمر العمليات والتصعيد والتحشيد حتى إيقاف الحرب والعدوان عن أهلنا في غزة، والمدهش أن هذا الشعب المناصر كلما حُورب وكلما هُدد؛ زاد ضراوةً وشدة وقوة، أما قرارات وتعصبات مجلس الأمن وتهديدات المجتمع الدولي فتصبح أمام الشعب اليمني حبة (بفك)، وفقاعات صابونية, فهو شعبٌ لم يخشَ إلا الله ،واضعاً نصب عينيه نصرة الحق و والمظلوم، وإعلاء دين الله، شعب جعل تحرير المسجد الأقصى وكل شبر في غزة وفلسطين من أولويات قضاياه وأهدافه، ومن كان هذا نهجه فالنصر والتحولات الكبرى والفتح المبين حليفه، وهذا وعد من الله لأوليائه المؤمنين المجاهدين في كل زمانٍ ومكان ،وهم يستجيبون لتوجيهاته بقتال المجرمين أعداء الله والإنسانية.. يقول الله تعالى: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ﴾ التوبة- آية 14..