وما وهنوا
ما كان لكيانِ العدو الغاصب أن يتجرأ على ارتكاب جرائمه التي لم يشهد لها التاريخُ مثيلاً وأبشع المجازر والمذابح التي يندي لها جبين الإنسانية، لمن كان في نفسه ذرة من إنسانية لولا دعم الغرب الكافر، وعلى رأسهم الشيطان الأكبر الأمريكي والبريطاني والتخاذل العربي والتماهي مع تلك الجرائم والانحياز للكيان..
بل ودفعه ليثخن في غزة ولبنان ويكثر الفساد ويتكفل بتمويل هذا الكيان اللعين واللقيط للقضاء على حركات المقاومة الشريفة والعزيزة والكريمة التي تقاتل وتناضل وتجاهد من أجل الحرية والكرامة والانتصار للقضية المركزية للأمة وتحرير الأراضي المحتلة والمغتصبة من قبل هذا الكيان اللقيط اللعين، وتسخر مؤسساتها الإعلامية المحسوبة على الأمة، ولكنها صهيونية ناطقة بالعربية لخدمة الكيان العبري اللعين.
وإلى جانب هذه المؤسسات، طابور النفاق والعمالة الأعرابية القبيحة والخبيثة التي ليس لها أي عمل إلا تبني الرواية الصهيونية والطعن في ظهر المقاومين الأبطال والمجاهدين في سبيل الله، الذين يقاتلون في سبيله ولا يخافون لومه لائم.
لقد كاد طوفان الأقصى أن يعصف بهذه الغدة السرطانية الجاثمة في جسد الأمة ويعجل بزوالها لولا القدرات الهائلة التي سارع بتقديمها الغرب الكافر وسخرها للكيان الغاصب في التكنولوجيا والتسليح والدعم المادي والمعنوي والمؤسسات الدولية التي يستخدمها الغرب الكافر لمصلحته وخدمة هذا الكيان اللعين. ولم يكن هذا الكيان ليتجرأ ويتمادى في غيه وعدوانه على أحرار الأمة وعلى المستضعفين في الأرض بهذا العدوان السافر، مستبيحًا دماء الأبرياء وحتى الشجر والحجر والإنسان والحيوان دون خوف من الله.
وكيف لعدو الله ورسله والمؤمنين وقاتل أنبياء الله أن يرعوي عن جرائمه أو يخاف الله؟ فلم يتجرأ على الله إلا لأنه مدفوع من طغاة الأرض ويحظى بحمايتهم في ظل صمت عالمي وعربي مقيت.
وعلى الرغم من قلة الإمكانيات وشحتها لدى محور القدس والجهاد والمقاومة مقارنة بما لدى المحتل الغاصب ومع قلة الناصر والحصار المطبق المفروض على المجاهدين المؤمنين الصادقين إلا أن رعاية الله وعونه وتوفيقه لأبطال المقاومة المجاهدين منحتهم القوة والتمكين والغلبة والثبات والصمود الأسطوري بما يفوق الخيال وأضحت أسلحة المجاهدين المتواضعة هي الأشد فتكًا وتنكيلا بالعدو وباتت الإمكانيات الهائلة للعدو حسرة عليه.
ومما لا شك فيه أن كيان العدو راهن على تحقيق انتصارات شكلية بإقدامه على استهداف القادة، ومع أن اغتيال الشهداء القادة كان له أثرٌ بالغ في نفوس المجاهدين، ولكنه بفضل الله لم يفلح في كسر إرادتهم القوية والصلبة، وسرعان ما تحولت إلى نصر بل زادتهم إيمانًا وبأسًا إلى بأسهم وإصرارًا على سحق العدو المتغطرس.
فتحولت الدماء الزكية الطاهرة للشهداء القادة طوفانًا عظيمًا يفجر طاقات المجاهدين ويشعل ميادين المواجهة نارًا، وقودها جنود الكيان الغاصب بإذن الله.
ولا ننكر أن ما يجري علينا اليوم أشبه بما جرى على المؤمنين ورسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بين ظهرانيهم في يوم الخندق إذ بلغت القلوب الحناجر، ولكنا نقول إن ما وعدنا الله ورسوله وقادتنا أعلام الهدى وأولياء الله هو الحق وصدق الله ورسوله وأوليائه، وإن نصر الله قريب من المحسنين وآتٍ لا محالة، وإن أعداء الله يرونه بعيدًا ونراه قريبًا وبشر المؤمنين.
وفي الختام، نود أن نوجه رسالةً عاجلةً لأبناء الأمة وشعوبها ونسألهم: ألم يحن الأوان لكم، أيها الصامتون، أن تتحركوا لنصرة إخوانكم المظلومين في غزة ولبنان؟ ألم يكن في كل تلك الدماء المسفوكة الكفاية لتحرك ضمائركم وتستنفركم لنصرة إخوانكم؟
ورسالة أخرى للملوك والأمراء الأعراب، نقول لهم: إن قارون من قوم موسى فخسف الله سبحانه وتعالى به وبأمواله الأرض لأنه ادعى جمعها بعلمه وذكائه وكفر بالله وسخرها لفرعون لمحاربة نبي الله موسى والمؤمنين ورفض تقديمها لنصرة الحق ومنعها عن موسى وقومه والمستضعفين، وإن موقفكم اليوم أشبه بموقف قارون، فليكن عبرةً لكم من قبل أن تجري عليكم سنة الله التي خلت في قارون من قبل، وسنن الله لا تتبدل ولا تتحول، فانتظروا، إنا معكم منتظرون.. والعاقبة للمتقين، والحمد لله رب العالمين.