مظاهر الدعم البريطاني للكيان الصهيوني في حربه الوحشية ضد الشعب الفلسطيني (3-٣)
على امتداد الحلقتين الماضيتين من المقال غطيت ثلاثة من مظاهر التعاون البريطاني مع «الكيان الصهيوني» هي {العسكري، واللوجستي، والسياسي}، بالإضافة إلى تغطية شطر من المظهر الرابع {الاستخباراتي}، وسأستكمل في الحلقة الثالثة والأخيرة {المظهر الاستخباراتي}، وأختتمها -كما سيأتي- بـ{المظهر القانوني}:
كما أشيرَ إلى واحدة من المهام الاستخباراتية البريطانية الجامدة في سياق الخبر الصحفي التفصيلي المعنون [نفذ الجيش البريطاني 200 مهمة تجسس فوق غزة دعمًا لـ"إسرائيل"] الذي نشر في «الخليج أونلاين» مساء الخميس الـ9 من مايو الماضي بالآتي: (نفذ الجيش البريطاني 200 مهمة تجسس فوق قطاع غزة، دعماً لجيش الاحتلال الإسرائيلي منذ ديسمبر 2023، في الوقت الذي أكد فيه وزير الخارجية البريطاني استمرار بيع الأسلحة لـ"إسرائيل".
وأوضح موقع "ديكلاسيفايد" المختص بالسياسة البريطانية والاستخبارات أن طائرات التجسس البريطانية سجلت قرابة 1000 ساعة من اللقطات فوق قطاع غزة.
ووفقًا للموقع، فقد شملت تسجيلات طائرات التجسس البريطانية اليوم الذي اغتالت فيه "إسرائيل" 3 من عمال الإغاثة البريطانيين).
وبالرغم من كثرة ما نشر حول هذا الجهد القذر، فقد أجمل الكاتب الفلسطيني «فايز أبو شمالة» الجرم التجسسي البريطاني في حق الشعب الفلسطيني -في سياق مقاله التحليلي المعنون [بريطانيا تتجسّس على غزّة... أيضًا]الذي نشره «العربي الجديد» في الـ25 من سبتمبر الحالي- بما يلي: (ظلت المخابرات الإسرائيلية عاجزة عن اختراق شبكة الاتصالات الداخلية لحركة حماس بعد مرور عدة أسابيع من بدء معركة طوفان الأقصى، إلى أن استعانت بأجهزة مخابرات بريطانيا، وناشدتها المساعدة للوصول إلى عصب التواصل لدى حركة حماس، ومن ثم الوصول إلى الكثير من القيادات الميدانية للحركة.
في البداية، طلبت بريطانيا من إسرائيل أن تفصل الكهرباء بالكامل عن قطاع غزّة، ونفذت إسرائيل الطلب البريطاني فورًا، ثم طلبت من إسرائيل أن تقطع عن قطاع غزة جميع الاتصالات السلكية وغير السلكية، وفرض السكينة المطلقة والهدوء الكهرومغناطيسي التام على كل قطاع غزة بالكامل، وتم ذلك، وانقطعت غزة عن العالم وراحت أجهزة المخابرات البريطانية تسترق السمع، وتراقب، وتصغي لكل إشارة، وتلاحق الحرارة المنبعثة من أجهزة الاتصالات الفلسطينية السرية الداخلية، وبعد متابعة وملاحقة، تمكنت بريطانيا العظمى من اكتشاف سر المقاومة الفلسطينية، وتحديد المراكز التي تنبعث منها حرارة الاتصال، وبهذا تكون بريطانيا العظمى قد حصلت على المعلومة التي لا تقدر بثمن، وقدمت على طبقٍ من ولاء وخضوع إلى الجيش الإسرائيلي المواقع الدقيقة لشبكة الاتصالات الفلسطينية تحت الأرضية، بما في ذلك مراكز التوزيع الرئيسية لخطوط الاتصال، بينما اقتصر دور الصهاينة على تدميرها بإطلاق الصواريخ الأميركية على رؤوس مئات المواطنين الفلسطينيين الذين انهالت عليهم الأحزمة النارية، وتركتهم شهداء، وأشلاء ممزّقة وجرحى ومفقودين تحت ركام الأماكن المقصوفة).
٥- الدعم القانوني اللاقانوني:
لأنَّ المحاكم أو المؤسسات القضائية الدولية قد أنشئت من قبل البلدان الكبرى، حتى تكون سيفًا مسلطًا على رقاب حكام العالم الثالث، كي لا يفكرون بالتفلت من تحت الهيمنة الإمبريالية ودفع ما يحل بشعوبهم -بسبب تلك الهيمنة- من كوارث، فلم يكن واردًا في الحسبان أنًّ يتصدى أيٌّ من تلك المحاكم لمحاسبة أيٍّ من مجرمي تلك البلدان أو من مجرمي دولة الكيان، إلَّا أنَّ انبراء دولة «جنوب إفريقيا» -من منطلقٍ إنساني- لمقاضاة «الكيان الصهيوني» أمام «محكمة العدل الدولية» على شنه حرب «إبادة جماعية» في حقِّ سكان «قطاع غزة» الفلسطيني وانتهاجه سياسة التهجير القسري الهادف إلى الاستيلاء على ما تبقى من أراضي «الضفة الغربية» الفلسطينية قد حشر قوى الهيمنة العالمية في الزاوية، واضطرها إلى التنكر -علانية- لما كانت تتصنعه من مواقف متسقة مع القيم والمبادئ الإنسانية، فإذا بتلك الأنظمة -وفي الطليعة منها النظام البريطاني ممثلًا بـ«حزب المحافظين» اليميني- تسخر قضاتها وإمكانات مؤسساتها القضائية والقانونية الوطنية لدعم «الدولة الصهيونية» بهدف تبرئتها من كل ما هو ثابت عليها من جرائم في حق الفلسطينيين على امتداد الأراضي الفلسطينية، وذلك ما يفهم من استهلال الخبر الصحفي التفصيلي المعنون [بريطانيا تدافع عن إسرائيل بمحكمة العدل الدولية] الذي نشر في «الجزيرة نت» بتأريخ 23 من فبراير الماضي الاستهلال التالي: (دافعت بريطانيا عن إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، قائلة إنه لا يجب حل الخلافات بين إسرائيل وفلسطين في إطار الوظيفة الاستشارية للمحكمة.
جاء ذلك في كلمةٍ لأستاذ القانون الدولي بجامعة أكسفورد، نيابة عن بريطانيا «دان ساروشي» أمام محكمة العدل الدولية بمدينة لاهاي الهولندية، خلال جلسات استماع لمناقشة التبعات القانونية الناشئة عن سياسات إسرائيل وممارساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ورأى ساروشي "أنه يجب ألَّا تقوم المحكمة بحل النزاعات بين الأطراف باستخدام اختصاصها الاستشاري, وبدلًا من ذلك، تتمثل الوظيفة الاستشارية للمحاكم في تقديم المشورة القانونية لهيئات الأمم المتحدة التي تطلب الرأي".
وأضاف: «إنَّ الوضع الحالي للأسئلة المطروحة في فتوى المحكمة من شأنه أن يخلق وضعًا ضد إسرائيل، وأنه ينبغي الحصول على موافقةٍ إسرائيليةٍ في هذه القضية»).